السؤال: ألا ترون بأن من ينادون بقيام الجهاد الآن في ظل عدم التوازن للقوى التي أمرنا الله بإعدادها هو نوع من التهور الذي قد يهلك الحرث والنسل؟
الجواب: في الحقيقة لابد من مقاومة، لكن ليس الإشكال أن يوجد فينا من يقاوم، بل ينبغي أن يوجد من يقاوم وينبغي أن يحصل على التأييد، والحمد لله الآن الجبهات الموجودة في فلسطين وأفغانستان والفلبين والشيشان قائمة، وجزاهم الله كل خير، والأمة معهم، لكن الإشكال عندما نظن أن من هذا المنفذ وحده وبهذه الطريقة وحدها نعمل، وما عدا ذلك نشطب عليه أو نلغيه، أو يأتي الطرف الآخر ويقول: لا. هذا ليس له أي صلة ونلغيه، ولعل أكثر كلامي نحو هذا.
نحن نقول: كل على ثغرته، فلا شك أننا الآن لسنا في وادي استعداء القوى العالمية علينا، ونحن لسنا مستعدين لمواجهتها، لكن هل معنى ذلك أن نكون نحن وإياهم أصحاباً، وتأتي العولمة والسياحة والخصخصة ونكون عندهم عمالاً، ونفتح القنوات الفضائية في بلادنا؟! لا.
نحن نقول: يجب أن تُعد الأمة إعداداً كاملاً بالإيمان بالله سبحانه وتعالى وبالترابط، وكما أشرت لا ندع ثغرة يدخل منها هذا العدو علينا، لا نستثيره ولكن نفرح بطول الزمن أو طول النفس الذي نكسبه نحن حتى نعد أنفسنا، لا نقول: للدفاع بل نقول: إن شاء الله لمهاجمته، نحن لدينا ثقة -ولله الحمد- أننا سنفتح أوروبا، فليس فقط ندافع فنحن الآن في موقف دفاع.
فنحن لدينا إيمان صادق بإذن الله بأننا سوف نفتحها، ولكن كيف نفتحها؟ إذا هيأنا هذه الأمة لكي تنطلق وتصبح جميعاً في ميدان واحد، فنحن ينبغي ألا يكون لدينا انحراف، لا ذات اليمين ولا ذات الشمال.
فلا ننكر أهمية الجهاد وفضله أو نقلل من شأنه كما يفعل البعض، بل ننصر إخواننا المجاهدين بأي سبيل، وفي نفس الوقت كل منا من موقعه، أنت في موقعك على ثغرة فاجتهد فيها واحم حوزة الدين من هذه الناحية، وأخوك هناك أيضاً يقاتل.
أقول لكم يا إخوان وانقلوا هذا عني: لا يوجد الآن جبهة جهادية إسلامية في أي مكان طلبت منا الرجال، إنما يريدون المال والعلم والدعوة، يريدون الإعلام ونشر القضية، أما الرجال فهم موجودون، في الشيشان، الرجال أكثر من السلاح الموجود، وفي أفغانستان كثير جداً، وفي الفلبين أيضاً الحمد لله، وفي فلسطين كذلك.
فالرجال موجودون والحمد لله، لذلك علينا أن نفكر، هل لا يريدون منا سوى النصر بالوسائل الأخرى؟
إذاً.. ننصرهم بما نستطيع من هذه الوسائل، هم يحتاجونها ونحن نستطيعها دون أن تأثر على مواقعنا الدعوية في بلادنا، أو إثارة مشكلات كما قد يفعل بعض الشباب، يتعجل في أمور ثم تخرج مشكلات أحياناً تجنح إلى أن نخرج عياذاً بالله عن مفهوم الجهاد بالكلية.
مثال: عندما يدعو الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى كيف يكون حاله؟
يصبر على الأذى، النبي صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك في سيرته، وحكي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح الدم عن وجهه ويقول: {اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون} والأنبياء كلهم كذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لقريش: {اذهبوا فأنتم الطلقاء} عندما دخل مكة لم يتشف منهم، وإذا انتصر وانتقم لا ينتقم ولا ينتصر لنفسه قط، ولكن لله، ومن أهدر دمه فلله، وهم قلة، انظروا إلى تعامله!
وكذلك الدعاة إلى الله، مؤمن آل يس الذي ذكر الله تبارك وتعالى قصته، وقيل: إن قومه اجتمعوا عليه فرجموه وقتلوه ((قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ))[يس:26-27] سبحان الله! حريص عليهم حتى بعدما دخل الجنة.
فأقول: انظروا إلى هذا وانظروا إلى حال بعض الشباب أصلحهم الله، يخرج مثلاً من السجن فتتحول القضية عنده إلى الانتقام من الشخص الذي ضربني أو عذبني أو فعل بي كذا وكذا ..، إذاً أين نصرة الدين، والجهاد، والكلام الذي كنا نقوله، أم أن القضية أصبحت قضية شخصية وانتقاماً شخصياً، وهذا مثل شخص في الشارع لقيني فضربني فأضربه، أو حاول أن يعتدي علي فاعتديت عليه، ليس هكذا يا إخوان!
أقول هذا؛ لأن المسألة دعوة إلى الله، فيها إخلاص وتضحية، المسألة اتباع ومنهاج نبوة، ونحن مطالبون بأن نتبعه، والله لو أمرنا ألا نمد أيدينا حتى نقتل في أي وقت أو في أي لحظة فوالله لنطيعن أمر الله ورسوله مهما حصل، لو أمرنا الله ورسوله بأي أمر يجب أن نتخلص من أرواحنا وأنفسنا والله لنفعلن، لا يكون لذاتنا شيء، إنما يكون ذلك كما كان له صلى الله عليه وسلم، وباتباع الدليل.
فالمقصود أن الأمة في هذا طرفان، ونسأل الله أن يصلح الجميع ويجمع كلمتهم على الحق.
أيضاً المعاناة التي قد يعانيها بعض الإخوة في الدعوة إلى الله كما قال الأخ هذا من الإنترنت في أمريكا، نحن سواء ألصقت بنا التهمة الوهابية أو تهمة السلفية لا جديد في هذا، يا أخي! إذا كان قد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ساحر وشاعر وكاهن وكذاب، فماذا يزعجزنا إذا قيل: إننا وهابية أو سلفية أو غير ذلك، الحمد لله هذه كلها لا تؤثر عليكم، وبالصبر يا أخي الكريم في أمريكا وفي غيرها، واحتسبوا الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وهذا طريق الأنبياء كله بلاء، ولكن العاقبة لهم بإذن الله تبارك وتعالى.
بالنسبة لكتاب هرمجدون وأمثاله فلا يستحق إلا أن أقول لك: ضعه في فرامة مباشرة ولا تناقش!! خرافات وكلام ليس له أساس من الصحة، فقد جمع أشياء ليس لها أصل، من مصادر غير صحيحة، وما ذُكر من أحاديث فهي ضعيفة، وفهمه لها خطأ، فضلاً عن الأشياء التي ليست من مصادر الدين، وتأويل في الأسماء والأحداث غريب جداً، فهذه الكتب كلها لا تستحق أن تناقشوها ولا تشغلوا أنفسكم بها وفقكم الله.